لتنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال
“ابني لا يحفظ بسرعة ولا يتذكر، نقضي يوميًا ساعات طوال في عمل الواجبات المدرسية، ومع ذلك يحصل على درجات قليلة في الامتحانات، ما أسباب ذلك؟ وهل يمكن علاج قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال؟ “
يشتكي معظم أمهات الجيل الحالي من نسيان أطفالهم للمعلومات سريعًا، ويتسائلون عن الأسباب، ويبحثون عن طرق تساعد في علاج قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال؛ لذا سنقدم لكِ اليوم نصائح فعّالة تساعد في تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال، ورفع مستواهم الدراسي؛ لتصلين بطفلك إلى القمة.
قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال
يجد أطفال اليوم صعوبة في التركيز على شيء واحد نتيجة لكثرة المشتتات في يومهم ما بين التلفاز، والإنترنت، فضلًا عن عدد الألعاب غير المنتهي.
هناك علاقة وطيدة بين شيوع صعوبة الحفظ عند الأطفال وأداء الطفل الدراسي المتأخر وضعف مهاراته التعليمية.
تشتكي كثير من الأمهات من ضعف مستوى أطفالها الدراسي؛ ويرجع ذلك في الأساس إلى عدم استطاعة الطفل التركيز على شيء بعينه، لكن لا تقلقي ولا تفترضي السوء؛ فمن الطبيعي أن ينسى الطفل في عمرٍ صغيرٍ نتيجة لعوامل كثيرة بعضها مرضية وأخرى غير مرضية.
الأسباب المرضية لصعوبة الحفظ عند الأطفال
قبل التعرف على الأسباب المرضية دعينا نتعرف على كيفية عمل الذاكرة:
أولًا: هناك طريقتان رئيستان يتعلم من خلالهما طفلك:
- طريقة استقبال المعلومة عن طريق السمع (الطريقة السمعية).
- طريقة استقبال المعلومة عن طريق البصر (الطريقة البصرية).
ثانيًا: تشمل عملية الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة قصيرة المدى مرحلتين:
- مرحلة تلقي المعلومة عن طريق الحواس، ثم تخزينها والاحتفاظ بها.
- القدرة على استرجاع المعلومة، واستدعائها متى احتجت إليها.
تحدث صعوبة الحفظ لدى الأطفال عند وقوع خلل في أي من مراحل الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة، فمثلًا عند وجود مشكلة في تلقي المعلومات نتيجة لضعف أي من أعضاء استقبال المعلومات (العينين أو الأذنين) فإن ذلك يُعيق قدرة طفلك على تلقي المعلومة، ويجعله يبذل جهدًا إضافيًا شاقًا ليحصل على المعلومة.
مشكلات السمع
يجد الطفل ضعيف السمع صعوبة في اتباع التعليمات الشفهية داخل الفصل؛ فقد يسمع جزءً منها دون الآخر فيسيء فهم المعلومة، وقد لا يسمع الجزء الأهم منها الذي يترتب عليه فهمه للدرس كله.
يضع بعض المعلمين قواعد حازمة داخل فصولهم مثل: عدم تكرار المعلومة، وعدم السماح للطلاب بالتحدث إلى أصدقائهم ولو بكلمة؛ رغبةً منهم في السيطرة على الفصل، وضمان تركيز الطلاب معهم.
يعاني الطفل ضعيف السمع من هذا القواعد بشدة؛ فهو لا يستطيع سماع المعلومة من مرتها الأولى، وحتى إن استمع لا يستطيع مجاراة زملائه؛ ففي الوقت الذي يتلقى فيه ثلاثة أو أربعة كلمات، ويستطيع التفكير فيهم، والتركيز عليها سيكون زملائه قد انتهوا من سماع الجملة كاملة وفهمها.
مشكلات البصر
قد يكون لدى طفلك مشكلة بصرية تمنعه من مشاهدة السبورة بوضوح؛ وبالتالي يتأخر في نقل المكتوب عليها قبل انتهاء الحصة.
يستغرق الطفل ضعيف البصر مدة كبيرة في نقل حروف قليلة في الوقت الذي قد ينهي زملاؤه نقل جمل كاملة، ومع تسرع المعلم في مسح السبورة يتعجل الطفل في كتابة الحروف المتبقية بشكل خاطئ.
في ضوء ذلك يمكن علاج صعوبة الحفظ عند الأطفال بتقديم حلول للمشكلات السابقة.
علاج قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال الراجع إلى أسباب مرضية
يجب أولًا استبعاد وجود الأسباب المرضية التي تعيق تلقي طفلك للمعلومات، هذه هي أولى طرق علاج قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال.
اسألي طفلك بهدوء عن مدى فهمه للدرس داخل الفصل دون وصفه بالفشل أو الغباء، واسأليه إذا كان يستطيع سماع شرح المدرس بشكل جيد، وهل يرى السبورة بوضوح أم لا.
إذا شكى طفلك من ضعف سمع أو بصر اذهبي به فورًا إلى الطبيب لاتخاذ الإجراء المناسب. بالإضافة إلى ذلك هناك طريقة يستخدمها معظم المعلمين لمفاداة الفروق الفردية بين الأطفال ومنها:
تنويع طرق التدريس
يجب أن تُقدَّم الدروس للطلاب بطرق متنوعة قدر الإمكان؛ فإذا كان هناك ضعفًا لدى الطفل في أحد الحواس استطاع الطفل استدراك ما فاته بالحاسة الأخرى.
مثال: عند تعلم كلمة جديدة مثل “أسد” على المعلم أن يكرر كلمة أسد أكثر من مرة؛ لمخاطبة حاسة السمع، ويعرض لوحة مرسوم عليها حروف الكلمة بالإضافة إلى صورة الأسد؛ لمخاطبة حاسة البصر، ويطلب من الطفل أن يكتبها بيده ليتدرب على رسم الحروف بيده.
بالإضافة إلى الأسباب المرضية هناك أسباب أخرى متعلقة بصعوبة الحفظ عند الأطفال.
أسباب صعوبة الحفظ عند الأطفال
يوجد بعض الأسباب ومعظمها يتعلق بطبيعة سن الأطفال، ومنها:
1. عدم اكتمال تطور الذاكرة لدى الأطفال
عندما يتعلم الكبار أي معلومة جديدة يبدأون في إضافتها إلى ما تعلموه بالفعل بخصوص هذا الأمر في بنك الذاكرة في مخهم، فلا يُنشِئون وحدة تخزين جديدة للمعلومة إلا إذا كانت المعلومة جديدة بالكلية.
على عكس الصغار الذين يمتلكون كم معلومات أقل في بنك الذاكرة لديهم؛ مما يجعلهم ينشئون وحدات تخزين جديدة تقريبًا لكل معلومة جديدة؛ فيزدحم دماغهم، وتزداد احتمالية النسيان لديهم.
2.الشرود وعدم الانتباه
يُعرف عن الأطفال تشتيت الانتباه الدائم؛ فكل شيء حولهم تقريبا يلفت انتباههم، لكن بمجرد أن يكبروا سيتعلمون كيف يركزون انتباههم على الشيء الذي يعملون عليه، ولا يلتفتون لأي ملهيات أخرى.
3.قلة الفهم والممارسة
قد يكون الطفل غير فاهم لما يحفظ من دروس؛ مما يقلل من فرصته في استرجاع المعلومة مرة أخرى.
يحصل كذلك بعض الطلاب على نتائج سيئة لعدم تدريبهم على شكل أسئلة الامتحان بدرجة كافية.
أربعة طرق تساعدك في تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال
يمكنك تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال بعدة طرق ومنها:
1.تمديد الذاكرة
يمكن أن تساهمي في تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال عن طريق التخيل الذي يعد عامل مهم في تقوية الذاكرة البصرية والسمعية؛ لذا ننصحك بإدراج نشاط التخيل في التدريس.
مثال على نشاط التخيل:
- اعرضي صورة معينة للطفل تحتوي على حروف كلمة معينة ورسمة.
- احرصي على لصقها على الحائط في مستوى بصره لمدة معينة، ودعيه ينظر إليها؛ حتى يحتفظ بالصورة في ذهنه.
- احذفي الصورة من أمامه وأشير إلى مكانها على الحائط أطلب منه أن يتخيل شكلها بالتفاصيل: هل الرسمة أعلى الكلمة أم أسفلها؟ ما هو اللون الذي كُتبت به الكلمة؟ وما هي حروفها؟
- في حالة نجاح طفلك في الإجابة أعيدي التجربة مع صورة أخرى تحتوي على أرقام بدل من الحروف.
- عندما يستطيع الطفل بسهولة التعرف على تفاصيل الصور أعرضي عليه صور بها معلومات أكبر تدريجيًا.
2.ربط المعلومات ببعضها
للتغلب على عدم اكتمال نمو ذاكرة طفلك، ووجود وحدات تخزين كثيرة في مخه احرصي على ربط المعلومات المتفرقة ببعضها، فمثلًا بدلًا من أن يكون على الطفل حفظ مجموعة كبيرة من الكلمات المتفرقة قسمي الكلمات ذات العلاقة مع بعضها البعض.
مثال: عند حفظ الطفل ١٠ أسماء لخضروات متنوعة يمكنك تقسيم الخضروات حسب لونها إلى مجموعة خضروات خضراء اللون، ومجموعة حمراء، وأخرى صفراء؛ فبدلًا من أن يُنشئ مخ الطفل ١٠ وحدات تخزين جديدة، يُنشئ ٣ وحدات فقط؛ واحدة لكل لون؛ مما يقلل من ازدحام المعلومات في الدماغ، ويساعد في تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ عند الأطفال.
3.تركيز انتباه الطفل
للتأكد من انتباه طفلك الكامل إليك تحدثي معه وجهًا إلى وجه، وتأكدي أنه ينظر إلى عينيكِ، وابتعدي قدر الإمكان عن المُشتتات؛ فلتكن غرفة عمل الواجب هادئة لا تحتوي على تلفاز أو جهاز حاسوب أو أية ألعاب.
توقفي أثناء الشرح واطلبي من طفلك أن يكرر ما تقولينه؛ لتتأكدي أنه منتبه قبل الانتقال معه إلى نقطة جديدة في الدرس.
4.الابتكار والتكرار
اشرحي لطفلك الدرس بشكل مبدع ابتكاري، وعملي يركز على جميع حواسه إن أمكن، مثال: عند دراسة أسماء للحيوانات خذي الطفل إلى نزهة لحديقة الحيوان ليراها بنفسه.
علمي طفلك مهارات تساعده في الحفظ مثل التغني بالجمل الطويلة بإيقاع معين؛ لحفظها، أو استخدام أقلام ألوان؛ لإظهار بعض الكلمات الهامة في الصفحة؛ ولتساعده على تذكر المعلومات فيما بعد.
احرصي كذلك على تدريب الطفل على كتابة المعلومات بيده، وتسميعها شفهيًا، ومراجعتها عدة مرات بالإضافة إلى التدرب على أسئلة الامتحان المختلفة.
خلاصة القول
يمكنك علاج قلة التركيز وسرعة النسيان عند الأطفال بمنتهى السهولة بالحديث مع الطفل بهدوء ومعرفة أسبابه دون إلقاء اللوم عليه أو إتهامه، وباتباع النصائح السابق ذكرها، وستجدين نتائج مبهرة إن شاء الله.
أسرة موقع دكتور ماما تتمنى لك ولطفلك دوام التميز والتفوق.
Commentaires
Enregistrer un commentaire